من كُلّياتِ الشعرِ العربيّ احتواؤُه على الحكمةِ وفَصلِ الخطابِ، وما زالَ كذلكَ حتى تحوَّلَت كثيرٌ من تأمُّلاته إلى “حكمةٍ مُرسلَةٍ” و”مَثَل سائر”. انظرْ إلى المَثَل: شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَمَ.
رُوي عن عُمَرَ رضي الله عنه أَنه قال لابن عباس في شَيء شاوَرَه فيه فأَعجبَه كَلامُه فقالَ: نِشْنِشَة أَعْرِفُها من أَخْشَنَ. قال أَبو عُبيد القاسم بن سلّام: هكذا حَدَّثَ به سُفْيانُ، وأَما أَهلُ العربية فيقولونَ غيرَه؛ قالَ الأَصمعي: إنما هو «شِنْشِنَة أَعْرِفُها من أَخْزم»، والشِّنْشِنَةُ الطبيعة والخَلِيقَةُ والسَّجِيَّة، وقالَ: وهذا بيتُ رَجَز تَمثلَ به لأَبي أَخْزَمَ الطائي وهو:
إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُوني بالدَّمِ
شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَمِ
مَنْ يَلْقَ آسادَ الرِّجالِ يُكْلَمِ
بَيْن الشِّعْر و المَثَل
